الحركات الإسلامية من منظور السينما المصرية.
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أما بعد
فقد اخترت أن أشارك إخواني الكرام في منتداهم المتميز هذا بمشاركة متواضعة ، وهي عبارة عن رؤية نقدية لبعض الأفلام المصرية وخاصة منها التي ، كما يبدو من مظهرها العام، تناقش مسألة التدين وعلاقته بالتطرف .
وسأكون صادقا معكم إن أخبرتكم بأنني لست من المتابعين لهذه الأعمال ولا تستهويني السينما المصرية بشكل عام ، لكن طرحي هذا جاء على خلفية نقاش دار بيني وبين أحد الإخوة- بعد أن شاركته مشاهدة أحد هذه الأفلام من باب الفضول الذي أذكاه في نفسي عنوانه- حول مدى صلاحية أو عدم صلاحية الأفكار المبثوثة من خلال هذه الأعمال.
لكن نقاشنا لم يكتمل، وبقيت الأفكار تروج بداخلي تدفعني للإفراج عنها إلى أن قررت كتابة هذا الموضوع الذي أضعه بين أيديكم راجيا أن يجد من التفاعل ما يساهم في تطويره.
لعل المتتبع للإنتاجات المصرية ،مؤخرا، يلمس تغيرا تختلف حدته على مستوى المضمون والخطاب بشكل خاص ،وإن كان الشكل لم يتغير كثيرا. فقد اقترنت أسماء العديد من المنتجين والمخرجين بأفلام الحب والغرام وقصص الزواج والطلاق ثم الطلاق والزواج ، حتى أصبح هذا الغرض بمثابة( ماركة) مسجلة باسمهم . وحسبناهم لا يعرفون من المواضيع إلا هته لكنه يبدو أن في جعبتهم أفكار أخرى حاولوا التصدي لها من قبيل الدين والتدين والحركات الإسلامية.
والملاحظ أن طرقهم لهذه الأبواب كان مصحوبا بأفكار مسبقة وأحكام قيمة وعواطف خادعة ، مما جعل التربة التي يرتكزون عليها هشة لا تتحمل ثقل الموضوع المناقش.
ـ أولا على مستوى الإطار العام.
إن مناقشة مسألة التدين والالتزام وعلاقته ب(التطرف) لمن الحساسية بمكان وتحتاج إلى خبرة ودراسة معمقة بعيدا عن إصدار أحكام قيمة جوفاء ،لا تستند إلى أي أساس منطقي، سوى أنها تستجدي شرعيتها من خلال الطرح الكوميدي الذي تحاول التأثير به على المشاهد.
ثم إن الموضوع من السمو والطهر- وليس متعلقا باختيارات شخصية ،كما يراد ترسيخه في أذهان المتلقين، والذي سنناقشه من خلال هذا الطرح- ما يعلو به عن مظاهر المجون والتحلل الأخلاقي والذي يحاول عبثا أصدقاؤنا المنتجون إقناعنا بأنهم يرفضونها. إذ لا يستقيم في ذهني!؟ كيف يؤتى بعاهر لا تكاد ترتدي شيئا ، ويفرد لها مكان على مسرح التصوير وتأخذ حقها من العناية لتظهر في أفتن صورة ممكنة وتأجر على فعلها هذا الذي سيراه ألاف الناس . ثم بعد ذالك يخبرنا صاحبنا على لسان أحد الممثلين أن الأمر مرفوض !!!؟؟
إن هناك خبثا مضمرا في التعاطي مع هذا الموضوع ، إذ أنك ترى تباين واضح بين مساحة (الصلاح) ومساحة الفساد داخل أي عمل من هته الأعمال . فنسبة الصورة الماجنة تفوق بكثير نسبة الصورة التي يقدمونها على أنها ملتزمة و(وسطية) وهي موزعة على لقطات غير كاملة. ففي الوقت الذي يتمكن المشاهد من التعرف على طرق التعاطي للمخدرات والمسكرات ولعب القمار والرقص في العلب الليلية . لا تكاد تجد حتى كيفية الوضوء السليم .
فتنقل حانة الرقص لمدة طويلة وبشكل متكرر طيلة الفلم ، في حين يجد المخرج من الإطناب نقل عملية الوضوء التي لاتستغرق سوى ثوان معدودة ؛ فيجمع في بضع لحضات بين غسل اليدين و تسليمة التحلل من الصلاة ويظن أنه من المحسنين.
ـ ثانيا: على مستوى المضمون
أما على مستوى المضمون فإن الأمر يزداد استفحالا ونسبة الأفكار المسمومة تزداد كما يظهر التعسف الواضح على الوقائع والحقائق ويظهر التفنن في تمرير المغالطات التي لا توقر مقدسا ولا تحترم ثابتا وفيما يلي تفصيل المجمل.
*النظرة لشعيرة الصلاة
من المعلوم أن الصلاة هي عماد الدين وهي ركن من أركانه ، وأنها أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة وأنها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا...
لذلك كانت مكانتها في الإسلام عظيمة جدا حتى إن تاركها جحدا بها يخرج من الملة بإجماع العلماء1 عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه أحمد ومسلم ، وأبو داود والترمذي وابن ماجة، وقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحفاظ عليها في وقتها وعدم التهاون في أدائها بل هناك آية في كتاب الله صريحة تعد الساهي عن الصلاة بالويل، إذ لا يكفي أداؤها فقط بل يجب أن تؤدى في وقتها "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا" ومع الجماعة فهناك أحاديث كثيرة صحيحة تشدد على هذا الأمر وتحث عليه فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء ، وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا . ولقد هممت أن آمر بالصلاة ،فتقام . ثم آمر رجلا ، فيصلي بالناس ، ثم انطلق معي برجال ،معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" متفق عليه
هذه هي وسطية الإسلام ولا مجال للتحايل على الفرائض وأساسيات الدين ، بحجة الوسطية والاعتدال ، فإما أن تأخذ جملة أو لا تأخذ.
لكن يبدو أن هذا الأمر لا يروق منتجي هذه الأفلام ولا يلتفتون إليه، فتصبح الصلاة أمرا ثانويا غير ذي أهمية ، وإذا كنت مصليا لا محالة ، فالأفضل أن تكون في بيتك لوحدك دون أن يراك أحد ،حتى من الشباك . فترى الممثل يؤذي هذه الحركات الغريبة ،عن عرض الفلم وطوله، في غرفة مظلمة أو شبه مظلمة . مرفقة بموسيقى وألوان ومؤثرات خاصة ، تجعل المشاهد يتمنى ألا تتكرر مثل هذه القطة خلال الفلم ، فيرسخ الأمر في ذهن المشاهد فيحاول – لا شعوريا- ألا يضطر إلى إحضار هذا المشهد في حياته.
أما المساجد التي وضعت ليرفع فيها اسم الله ،ولتكون مركز قوة المسلمين واجتماعهم وتراحمهم ، فإنها تستحيل إلى وكر لتفريخ المتطرفين والمنحرفين أخلاقيا وسلوكيا ، وملاذا آمنا يجتمع فيه مثيروا الشغب والفوضى ، فبمجرد التحلل من الصلاة تخرج من هذا المكان مظاهرات تفسد في الأرض ، وتقطع الطرق من دون أي سبب مقنع. فلا يهدأ الأمر إلا بتدخل رجال الأمن الذين يتعاملون مع الوضع كما يجب ، فيتم تطويق الأمر قبل استفحاله.
ثم إن حلقات الذكر التي تقام داخل المسجد ، فإنها تصور على أنها المرتع الفكري للتطرف والإرهاب . فتبدأ( الكاميرا ) جولتها في المسجد- القاتم الألوان الذي تنغلق النفس وتشمئز لرؤيته- من السقف حيث هناك مصابيح عملاقة ، ذات رصف معين .. تسطع كلها باللون الأبيض .. وهي وإن كانت تدل على أثر النعمة ، فإنها نعمة متوحشة .. لا ذوق فيها ولا جمال. وتحتها مباشرة مجموعة من أصحاب العمائم البيض واللحى السود ، حليقي الشوارب ، ينصتون إلى واحد منهم لايختلف عليهم إلا بمكان الجلوس.. يفتح أمامه مصحفا موضوعا على محمل خاص .. لا يلتفت إليه أبدا أثناء حديثه . وجه مقطب ، بادية على محياه علامات الكراهية ...لا يبتسم ، والكل شاخص فيه بصره مسلمين قيادهم له لا يسأل عما يفعل ، كلامه لا يناقش ، يؤخذ منه ولا يرد...
والملاحظ أن هته الفئة ليس من مهامها قيادة (الفعل الإجرامي) من داخل المجتمع ، وإنما يقتصر دورها على إثارة بعض الشباب المتحمس الطائش ، القليل العلم والخبرة ، المغرر بهم والمستقطبين بأساليب لا ينقصها المكر والخداع ، مستغلين بعض القضايا الحساسة التي تفعل فعلها في الشارع العربي والمسلم من قبيل القضية الفلسطينية.
وهنا سأحاول مناقشة نقطتين حساستين يحاول أصحابنا إفراغهما من مضمونها
*قضية الدعوة إلى الله
لا يخفى على مسلم أن خيرية هذه الأمة إنما تستقيها من إقامتها لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بضوابطهما الشرعية المعروفة حيث "لا إكراه في الدين"البقرة 255 "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"الكهف28 "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"آل عمران 109 وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الوارد في مسند ابن حبان بإسناد صحيح(عن عائشة قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فعرفت في وجهه أن قد حضره شيء فتوضأ وما كلم أحدا ثم خرج فلصقت بالحجرة أسمع ما يقول فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى يقول لكم مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم وتسألوني فلا أعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم فما زاد عليهن حتى نزل) من هنا يتبين أن الدعوة إلى الله إنما هي ( دعوة للناس ليعودوا إلى سرب العابدين. إنها العودة إلى نسق المدار ، حيث تدور الأفلاك بأجرامها سيرا إلى الله الواحد الأحد . إن عناصر الوجود كلها – إلا من استثنى الله من العصاة ومردة الجن والإنس – تسير إلى ربها الخالق لها سير توق وشوق إلى مصدر النور والحياة فالدعوة : نداء للشاردين عن وجهة الكون الواحدة الموحدة: الله رب العالمين.)2 .
والمقام ليس مقام التفصيل وإنما هو الإشارة إلى أساس مغيب بشكل متعمد . فيصبح من شروط الاعتدال والصلاح التطبيع مع المنكر، واعتباره أحد أطراف التنوع الإيجابي داخل المجتمع!! وأن تحمل مسؤولية نصح الناس رشدهم إلى طريق الله، إنما هو طريق ينتهي بصاحبه إلى حافة الانغلاق والتشدد والاضطراب النفسي والعزلة الاجتماعية!!!؟ فإذا كنت ملتزما أوامر ربك ، وأخوك أو جارك من مرتادي الحانات الليلية ، فالأمر لا يعدو كونه مجرد اختيارات شخصية ، فالكل في النهاية حر في اختيار نمط حياته وليس لأحد الحق في نسج حيات الآخرين على مقاسه هو. لتصبح الدعوة إلى الله والنصح للمسلمين سببا من الأسباب التي تهدد استقرار المجتمع ن وفضول لا خير من ورائه.
*القضية الفلسطينية:
إنه الجرح الدامي الذي أصاب الأمة الإسلامية على مستوى القلب، والذي لازال يستجدي نخوة فينا تحد من نزيفه.
هي المحنة التي لازالت تؤرق كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد...
هي القضية التي استفرغت ، ولا زالت ، أغلب الأنظمة العربية، ومن ورائها قوى الاستكبار العالمي، كل الجهود من أجل تحجيمها وتقزيمها ، وطمسها من عقول الأجيال العربية.
وما السماح بترويج مثل هذه الخزعبلات ، من أفلام ساقطة والتي تنفث سمومها في عقول الشباب المغيب و المدجن، إلا لبنة في جدار الفصل المعرفي والوجداني. وفي هذا يقول الأستاذ منير شفيق(أمام المأساة هذه ،مأساة أخرى صاغها العالم العربي والإسلامي حكاما ومثقفين وأشباه المثقفين الذين هرولوا نحو السلام الخادع واعتقدوا أنه آت لا محالة ، وخلطوا المعاني السامية للسلام بالاستسلام حتى غلبت معاني الاستسلام بشتى تمظهراته البعد الحقيقي للسلام إن كان ثمة مجال للسلام!)3 إن ما يغيظ هذه النخبة المتغربة النافذة في دواليب الحكم هو كون (القضية الفلسطينية أصبحت تختزل الآن كنه الوجود الوجود الإسلامي والعربي ، وأصبحت بالقوة وبالفعل أمرا حتميا يفرز بين الفينة والأخرى تلاوين الخريطة العربية شعوبا وحكاما.)4 فيعلنون الحرب بشتى والوسائل المتاحة وعلى رأسها الإعلام ، ذلك أن القضية تشوه داخل أحد هذه الأعمال لتصبح مجرد مطية يستقلها أعداء القانون والنظام العام والوطن (الإرهابيون) من أجل تجييش الجماهير الجاهلة المغفلة ، بغية تحقيق مآرب سياسية.
*العمل الخيري الاجتماعي.
وتستمر المسيرة التضليلية لتصل إلى نقطة أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها ، إنها مسألة العمل الخيري ورعاية الأيتام والمعوزين ، وهو من الأعمال التي تحرص عليها الحركات الإسلامية ، وهو ما يكسبها شهرة وتعاطفا شعبيا قل نظيره تستطيع إثره إبلاغ رسالة رب العالمين للمسلمين ، إنها ثقافة يستنبطها المسلم من كتاب الله وسنة رسوله ، ذلك أن الشريعة الإسلامية لا تنفصل عن الواقع ولا تنكره ، ولا تدعو الإنسان إلا رهبانية مبتدعة (ذلك أن قصة العزلة بين الدين والدنيا لم تنبت في العالم الإسلامي ، ولم يعرفها الإسلام، وقصة تخدير الدين للمشاعر لم تكن يوما وليدة هذا الدين ، ولم تعرفها طبيعته)5 (لن ندرك طبيعة العدالة الاجتماعية في الإسلام ، حتى ندرك مجملا للتصور الإسلامي عن الألوهية والكون والحياة والإنسان فليست العدالة الاجتماعية إلا فرعا من ذلك الأصل الكبير الذي ترجع إليه كل تعاليم الإسلام.)6
هذا الأمر لا يفهمه أصحابنا ، فتنطلق آلة القذف والسب ، والاتهامات المجانية ، فيفسر ما تحققه الحركة الإسلامية من تقدم في هذا المجال لا يعدو كونه نتاجا لعمليات تلاعب بعقول بعض الميسورين المنخدعين بالمظاهر ، والذين أسلموا قيادهم لهؤلاء المتشددين ، فهم لا يزالون يستغلونهم تحت ذريعة العمل الخيري حتى يتمكنوا من التغطية على عمليات إرهابية تحصد الأرواح وتهلك الحرث والنسل!!؟؟
*الفضائيات الإسلامية
إن فزاعة الحركة الإسلامية لا تتوانى عن استخدام أحدث وسائل الاتصال من أجل نقل أفكارها المتطرفة ، فتصبح بعض القنوات التي تعمل في حقل الدعوة ، والتي لا تسلم من النقد حتى من طرف بعض الأوساط الإسلامية ، تحت مرمى نيران هؤلاء المنتجين؛ ولا أعتقد أن أحدا منهم يجرؤ ،من قريب أو بعيد، الإشارة إلى القنوات التي تنشر المجون والفسق بنفس الطريقة التي يتم التعرض بها للقنوات الإسلامية ، فالمآلات معروفة.
إن هذا النوع من الأفلام والمسلسلات إنما يأتي في سياق الحملة الواسعة ضد ثوابت الأمة ومقدساتها.
وهي لا تنفصل عن أحد أمرين:
إما أن تكون مقصودة ؛ وهنا وجب على كل مسلم عاقل الحذر منها ومحاولة مواجهتها بما يلزم في إطار المجاهدة والمدافعة العامة "ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"البقرة250
وإما أن تكون غير مقصودة ، فتصدق القولة (يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه) وفي كلتا الحالتين وجب أن نعلم ما يلي :
• التحصن بالعلم وخاصة علم الشريعة الإسلامية ، لأنه سبيلنا الوحيد لتمييز الغث من السمين ، ولمعرفة الخطأ من الصواب، ولتحقيق مراد الله من خلقنا على الوجه الذي يرضيه عنا.
فهناك أربع كليات شرعية قطعية في معناها ، مستقرأة من الشرع ( فإذا حصل من استقراء أدلة المسألة مجموع يفيد العلم فهو الدليل المطلوب ، وهو شبيه بالتواتر المعنوي ، بل هو كالعلم بشجاعة علي رضي الله عنه وجود حاتم ، المستفاد من كثرة الوقائع المنقولة عنهما ومن هذا الطريق ثبت وجوب القواعد الخمسة كالصلاة والزكاة وغيرها طبعا وإلا فلو استدل مستدل على وجوب الصلاة بقوله تعالى أقيموا الصلاة أو ما أشبه ذلك لكان في الاستدلال بمجرده نظر من أوجه لكن حف بذلك من الأدلة الخارجية والأحكام المترتبة ما صار به فرض الصلاة ضروريا في الدين لا يشك فيه إلا شاك في أصل الدين)7
وبالتالي فإن التعامل مع مسائل الشريعة لا تكون بالأهواء وإنما تكون مؤسسة على معرفة بالشرع عميقة.
• التدين هو الغاية الأولى من الدين والقصد الأصيل من الخلق.
وهو أصل يفهم بتطبيق القاعدة السابقة8
• (أن تفشي المكر والفجور سبب رئيس في هلاك الأمم وخراب الحضارات ، وهو معنى كلي أيضا قطعي من الدين)9
إذ لا مجال للتطبيع مع النكر أو عقد المصالحة معه ، ثم إن التدين ليس اختيارا شخصيا وإنما هو أصل من أصول الشريعة ( والمجتمع الإسلامي مادام مستجيبا لله من خلال سنته الشرعية ، أي عملا بمقتضى الإرادة التكليفية فإنه بإذن الله يكون في حماية الله وحفظه ، فإذا زاغ عن ذلك فإن للزيغ علاجا اختياريا هو انتصاب أهله للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لإصلاح الناس، فإن تقاعس الكل واستفحل المرض ،فربما وصل إلى درجة اليأس من الشفاء ، فلا يكون له حينئذ من علاج غير إهلاكه وتدميره تدميرا ، ليأتي الله بعدذلك بجيل جديد ، يصلح لتحمل الأمانة ويقدرها حق قدرها . قال عز وجل : " وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون" هود 117)10
• الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي وهو كلية من كليات الشريعة
"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" آل عمران 103
"وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون"هود116
(الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي ، يتعلق عينيا بذمة كل فرد من أفراد الأمة في هذا الزمان! وهو كلية أخرى . نستفيدها من الاستقراء القطعي لدلالة النصوص عند تحقيق مناطاتها في واقعنا هذا.)11
يبقى أن نشير في الاخير إلى أن العلم إنما يؤخذ من أفواه العلماء وأن الدين ومبادئه هو أرفع من أن يناقش ضمن عمل لا يعرف لله حرمة.
-------------------------------
1 جاء في كتاب فقه السنة ل"السيد سابق" المجلد الأول ص92 : ترك الصلاة جحودا بها وإنكارا لها كفر وخروج من ملة الإسلام ، بإجماع المسلمين. وقد ذهب كثير من أهل العلم وفقهاء الأمة حتى إلى حد قتل تارك الصلاة وخالفهم في ذلك أبو حنيفة ومالك والشافعي على أنه لايكفر. لمزيد من التوسع في هذه النقطة يرجع إلى كتب الفقه (بداية المجتهد نهاية المقتصد ، المنتقى من أخبار المصطفى لابن تيمية/المجلد الأول ، الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي الجزء الأول ....وغيرها من أمهات الكتب )
2 كتاب (البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي) للدكتور فريد الأنصاري عليه رحمة الله ص147
3 كتاب (المشروع الصهيوني في فلسطين )ص3
4 نفس المصدر السابق
5 ص8 كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام للإمام سيد قطب
6 نفس المصدر ص20
7 الموافقات للشاطبي(1/36-37)
8 للمزيد من التوسع يمكنك الرجوع إلى كتاب (الفجور السياسي والحركة الإسلامية بالمغرب)للدكتور فريد الأنصاري من ص19إلى36
9 المصدر السابق ص25
10 نفسه ص26
11 المصدر السابق ص27